لا أحد يضمن في كل الأوقات وفي كل المواقع حسن استخدام المبيدات. هذه حقيقة (عملية) يتفق عليها الخبراء فسوء استخدام المبيدات احتمال وارد نتيجة للجهل بخصائصها وكيفية تداولها وإعدادهاأو نتيجة للإهمال, إذ إن نسبة كبيرة من العمال الزراعيين ومن المزارعين الصغار أصحاب الأرض الزراعية, في دول العالم الثالث - بخاصة - لا تعرف القراءة والكتابة. والعجيب أن عبوات المبيدات تخرج من المصنع وبها أوراق إرشادية مكتوبة بلغة البلد المنتج لتصل إلى عمال زراعيين أميين لا يعرفون - حتى - القراءة بلغتهم الوطنية!
وفي غياب أو نقص خدمات الإرشاد الزراعي والصحي التي تقدمهاأو المفروض أن تقدمهاالإدارات المسئولة لمن يستخدمون هذه المبيدات, تكون النتيجة المباشرة لسوء استخدام المبيدات هي تلوّث البيئة الزراعية بمواد كيميائية سامة.
وحتى إن افترضنا أو توقعنا حسن الاستخدام فإن التلوث واقع لا محالةإذ إن الكمية المستخدمة من المبيدات لا تُستهلك كلها في مقاومة الآفات الزراعيةأو طفيليات حيوانات المزرعة ويبقى جزء منها كامنا في البيئة المحيطةيضرب في كل اتجاه فيتسرب جانب منه إلى المجاري المائية (قنوات ومصارف) ويتطاير بعض منه متخذا هيئة غازية فيلوث الهواء. وثمة تقديرات تفيد بأن ما يؤثر, فعلا في إماتة الحشرات والحشائش الضارة والطفيليات لا يزيد على واحد في المائة فقط من كمية المبيدات المستخدمة وأن 99% منها يتسرب هنا وهناك في الأنظمة البيئية المختلفة, فتحمله مياه الصرف الزراعي إلى النهر ومنه إلى البحر والمحيط (لا عجب - إذن - أن وجد العلماء بقايا من مبيد ال(د.د.ت) في ثلوج القطب الشمالي!), ثم إن بعضا من هذه الكمية الضخمة المتسربة تمتصه النباتات, وتختزنه في أنسجتها, ومنها ينتقل إلى حيوانات المزرعة ثم إلى المستهلك (الأكبر) الإنسان!
ومن الطبيعي أن يتركز اهتمامنا نحن البشر على ما تحمله لنا المبيدات من أخطار فيكون الانتباه لأخطار التعرّض المباشر لها في الغالب غير أن لهذه المركبات الكيميائية السامة أضرارها غير المباشرةالتي تضرب مصالح البشر وتتربص بصحتهم وتهتم الدراسةالتي نعرض لبعض نتائجها في هذا المجال, بتتبع التأثيرات المدمرة لبعض المبيدات على بيولوجية التكاثر في النعاج كنموذج لحيوانات المزرعةذات القيمة الاقتصادية المؤثرة في كثير من المجتمعات الزراعية.
وقد تم التركيز في هذه الدراسة على نماذج من المبيدات الفوسفورية والبريثرويدات التي شاع استخدامها لمقاومة الطفيليات وأجريت الدراسة على النعاج بصفة أساسية بالإضافة إلى ذكور وإناث الفئران البيضاء أشهر حيوانات تجارب المختبر لأغراض المقارنة وهذه بعض النتائج التي تم التوصل إليها:
- تشوهت الأجنة عند تعرض الأمهات لجرعات من المبيدات تساوي (عشر) الجرعة نصف المميتة.
- ظهرت نسبة عالية من حالات امتصاص الأجنة.
- انخفضت نسبة الأجنة الحية مع نقص واضح في أوزانها.
- حدوث تضخم بعضلة القلب مع نقص في نمو الرئتين وانشقاق بالحبل الشوكي بالأجنة التي تعرضت أمهاتها للمبيدات.
- ظهور تشوهات بعظام الجمجمة الجنينية مع غياب بعض ضلوع القفص الصدري واختفاء سلاميّات الأصابع وعظام مشط القدم.
- ظهور نقص واضح في وزن الخصية والحويصلات المنويةعند الذكور التي تعرضت للمبيدات.
- زيادة نسبة الحيوانات المنوية المشوهة