تجري معارك حقيقية من أجل حماية وحيد القرن من خطر الانقراض. إنها معارك تشبه المواقع الحربية، تدور في وادي الزامبيزي في زيمبابوي، بين دوريات مسلحة مهمتها حماية وحيد القرن ولصوص الصيد يطلق فيها الرصاص ويسقط ضحايا. يتسلل أولئك اللصوص من البلاد المجاورة، ومعظمهم يأتي من زامبيا يعبرون الحدود ليسرقوا وحيد القرن من الموطن الرئيسي له وادي الزامبيزي، حيث يعيش آخر تجمّع طبيعي من ذلك الكائن الضخم المسمى (وحيد القرن الأسود)الذي يعد من أقدم المخلوقات التي تتنفس هواء الأرض الآن،إذ يرجع تاريخ ظهوره على خريطة الحياة في كوكبنا إلى حوالي 55 مليون سنة.
وثمة خمسة أنواع من وحيد القرن، هي: الأسود، والأبيض، والسومطري، والهندي، والجاوي، وتعاني كلها من المشكلة نفسها تكالب البشر عليها إلى حد الاستنزاف، حتى أنها قد أضيفت كلها إلى قائمة الكائنات الحية التي يتهددها خطر الانقراض وكان وحيد القرن الأسود هو آخر مَن أضيف منها إلى تلك القائمة. وتقول الإحصائيات إن تعداد أفراده قد نقص من 65ألف حيوان في بداية الثمانينيات إلى أقل من أربعة آلاف في الوقت الحالي تنتشر في شرق ووسط وجنوب القارة الإفريقية ويعيش نصفها في زيمبابوي ويخص وادي الزامبيزي وحده أكثر من ألف حيوان من وحيد القرن الأسود.
ويرى الخبراء أن هذا القطيع من وحيد القرن الذي يعيش في وادي الزامبيزي يمكن إخضاعه لنظم الإدارة البيئية ووسائل التربية، من أجل إكثاره لتعود تجمعات وحيد القرن الأسود إلى حجمها الطبيعي ويزول عنها شبح الانقراض، من أجل ذلك أعلنت السلطات حرباً لا هوادة فيها، على لصوص الصيدالذين يقتلون وحيد القرن بمعدل حيوان واحد في اليوم!وقد باءت محاولات المطاردة السلمية لهؤلاء اللصوص بالفشل فهم يحملون أسلحة حديثة يستخدمونها ضد الدوريات التي تطاردهم فتحوّلت المطاردات إلى اشتباكات مسلحة وبدأ اللصوص يدفعون حياتهم ثمناً للهاثهم المحموم وراء وحيد القرن الأسود في وادي الزامبيزي ومع ذلك، لم يكفوا عن التسلل إلى الوادي من أجل الصيد الثمين وتكاد قوات المطاردة الحكومية تعجز عن وقف نشاطهم المدمّر!
وقد أعلن المسئولون عن البيئة والموارد الطبيعية في زيمبابوي أنهم لا يطمعون من وراء الدوريات المطاردة في أكثر من إزعاج اللصوص وتقليل الخسائر بين المجموعة الباقية من وحيد القرن الأسود كسباً للوقت ولإفساح الطريق أمام جهود أخرى لحماية ذلك لحيوان تسير في اتجاهين الأول، الإمساك بأكبر عدد ممكن من أفراد وحيد القرن ونقلها في حالة جيدة من وادي نهر الزامبيزي إلى مناطق أخرى محمية وبعيدة عن أيدي اللصوص.
والثاني تصعيد الجهود الإعلامية والدبلوماسية لخلق رأي عام عالمي قادر على الضغط من أجل تقليص التجارة في قرن ذلك الحيوان.
وقد يتساءل البعض عن قيمة هذا القرن الذي يبرز من مقدمة رأس الحيوان، والذي يتكون من ألياف قرنية تتركب من نوع من البروتين شبيه بذلك الذي يدخل في تركيب الشعر والأظفار لماذا يخاطر لصوص الصيد بحياتهم من أجل ذلك الحيوان أو بالأحرى من أجل قرنه الوحيد؟ والإجابةأن ثمة تجارة رائجة تقوم على ذلك القرن لها سوقان رئيسيان في الشرق الأوسط وشرق آسيا حيث تبلغ قيمة الرطل الواحد من مادة القرن 450 دولاراً، فإذا علمنا أن الحيوان الكبير يزيد وزن قرنه عن عشرة أرطال فإن ثمن القرن الواحد يمثل ثروة ضخمة بالنسبة للصوص الصيدالذين ينتمون لمجتمعات فقيرة.
ويكتسب ذلك القرن شهرة أسطورية في بعض بلدان الشرق الأقصى كمادة منشّطة ذات تأثير سحري كما يستخدم مسحوقة في تحضير بعض العقاقير الشعبية التي تعالج بعض أنواع الحمى ونزيف الأنف كما يستخدم القرن في تصنيع المقابض الثمينة للخناجر.