تعتبر الشعرانية وهي فرط زيادة الشعر من المشاكل الجمالية الرئيسية التي تعاني منها كثير من النساء وقد تسبب لهن امراضاً نفسية ومشاكل اجتماعية، وهي مصطلح يقصد به فرط نمو الشعر لدى الاناث في أي شكل وأي توزع وذلك على المناطق الذكرية من الجسم حيث تشاهد الاشعار عندهن على الشفة العليا والذقن والصدر والخط الابيض للبطن وأعلى مثلث العانة وفي مناطق اخرى، ويظهر ذلك عادة بين النساء ذوات البشرة الداكنة وهي تبدأ غالباً بعد فترة البلوغ وتكون ذروتها اثناء سن اليأس.
الأسباب:
هنالك العديد من الاسباب لهذه الحالة ويمكن تفصيلها كالتالي:
1- الشعرانية الاساسية:
تعتبر الشعرانية الاساسية من اكثر اسباب الشعرانية حدوثاً ويمكن ان نميز هذا النوع من الشعرانية عن غيره من الانواع بكون ظهور الشعر الزائد على الجسم وزيادة نموه عند الاناث لا يصاحبه زيادة في نسبة الهرمونات وتكون العادة الشهرية منتظمة، والحوض والرحم والمبايض طبيعية مع عدم ارتباطه بتناول ادوية معينة وغالباً ما يكون السبب اما نتيجة لعوامل وراثية او عوامل عرقية:
أ - العامل الوراثي:
الوراثة تعتبر من أهم اسباب زيادة الشعر حيث ان الاستعداد لهذا المرض قد يكون موروثاً من الاب او الام كصفة سائدة مما ينعكس على الابناء ولهذا نجد ان زيادة شعر الوجه عند الام او الجدة تزيد من احتمالات نمو الشعر الزائد في الوجه عند الابنة كما انه غالباً ما يكون هناك اكثر من فرد بالعائلة لديه زيادة نسبية في نمو الشعر.
ب - الجنس أو العرق:
يتبين اثر الجنس او العرق في حدوث الشعرانية من ملاحظة اختلاف درجة نمو الشعر في الاجناس المختلفة حيث نجد ان شعر الجسم يكون ظاهراً في الجنس القوقازي وفي بعض الاجناس في الشرق الادنى وجنوب اوروبا وأمريكا الجنوبية وجنوب روسيا وآسيا والهند، ويمكن ايضاً ملاحظة انتشار الشعرانية في الشرق الاوسط اكثر من المناطق الاخرى كما يمكن ملاحظة انها تشاهد عند السمراوات وبين ذوات البشرة الداكنة احياناً اكثر من ذوات البشرة الفاتحة ولا سيما اللاتينيات والهنديات وفي بعض العروق خاصة الاشخاص ذوي اللون الاسود.
2- اضطراب الهرمونات:
إن للهرمونات تأثيراً مهماً جداً على زيادة نمو شعر الجسم ويمكن ملاحظة ذلك من كون زيادة نمو الشعر عن المعدل الطبيعي لدى بعض الاناث في بعض مناطق الجسم يبدأ عادة بعد البلوغ واثناء الحمل او بعد سن الاربعين وهو وقت حدوث التغيرات الهرمونية.
ان اضطراب الهرمونات وخاصة زيادة انتاج الهرمون الذكري (هرمون الاندروجن) لدى بعض النساء يؤدي الى زيادة ظهور الشعر وذلك لأن الهرمونات المذكرة تنشط بصيلات شعر الجسم مما يؤدي الى غزارة نموه وقد يكون هذا احياناً مصحوبا بأعراض اخرى مثل قلة الطمث او توقفه وضمور الثدي وزيادة نمو العضلات وخشونة الصوت وغيرها من الاعراض، وبالاضافة الى دور الهرمون الذكري فإن هناك هرمونات اخرى قد تلعب دوراً في عملية زيادة نمو الشعر مثل هرمون الحليب (البرولاكتين) وغيره، كما ان حبوب منع الحمل خاصة تلك الانواع التي تحوي مركبات البروجسترون وعلى نسبة من الاستروجين قد يكون لها اثر ظاهر على نشاط البصيلات وبالتالي الى ظهور شعر الجسم.
3- خلل في المبايض:
يفرز المبيض هرمونات الانوثة التي تعطي المرأة صفات الانوثة والقدرة على الانجاب وتساعد هذه الهرمونات على نعومة الجلد وتقليل نمو الشعر فيه ولذلك فإن أي خلل في افراز هذه الهرمونات يؤدي الى نتائج عكسية قد تكون الشعرانية ذات المنشأ المبيضي أحدها وهذا الخلل يحدث في الحالات الآتية:
(أ) تكيس وتضخم المبيض وهو مشكلة تعاني منها حوالي 2% من السيدات في سن الانجاب بدرجات مختلفة وهو من اكثر اسباب الشعرانية حدوثاً، وقد يترافق معه اضافة الى زيادة نمو الشعر سمنة واضحة او زيادة في حب الشباب ولذلك فإن أي امرأة تعاني من زيادة الشعر في الجسم مع سمنة او زيادة حسب الشباب بدرجة كبيرة فإنه يجب فحصها بالموجات فوق الصوتية لمعرفة حدوث التكيس من عدمه لأن هذه الحالات يكون احتمال اصابتها بتكيس وتضخم المبايض اكثر من غيرها.
(ب) الاورام المبيضية سواء الحميدة او الخبيثة وكلاهما يؤدي الى رفع الاندروجينات المبيضية.
(ج) فشل المبيضين بعد سن اليأس او استئصال المبيضين.
4- خلل في الغدة الكظرية:
تسبب اضطرابات الغدد فوق كلوية زيادة في نمو شعر الجسم وذلك لأنها تؤدي الى زيادة افرازات الهرمونات المذكرة وتحدث هذه الشعرانية ذات المنشأ الكظري في الحالات الآتية:
(أ) فرط التنسج الكظري وهنا يحدث تضخم للغدة فوق الكلوية اذ تفرز تلك الغدة في الاحوال العادية هرمون الذكورة عند النساء بنسبة معينة ولكن في حالة تضخمها يزداد افراز هرمون الذكورة لدى المرأة فيزداد نمو الشعر وقد يحدث ضمور في الثدي واضطراب الدورة الشهرية.
(ب) اورام الغدة الكظرية او متلازمة كوشينغ وهذه ايضاً تؤدي الى زيادة الاندروجينات الكظرية وبالتالي زيادة نمو الشعر.
5- خلل في الغدة النخامية:
اضطرابات الغدة النخامية قد تسبب زيادة في نمو الشعر ولكن بدرجة اقل من اضطرابات المبايض والغدد الكظرية، وعندما تحدث الشعرانية ذات المنشأ النخامي فإنها تحدث نتيجة متلازمة فرط البرولاكتين الدموي الذي يصاحبه بالاضافة الى الشعرانية ضخامة النهايات مع قصور في الغدد التناسلية.
6- الأدوية:
تحدث الشعرانية ذات المنشأ الدوائي نتيجة استخدام بعض الادوية مثل حبوب منع الحمل والكورتيزون وبعض ادوية الاعصاب والضغط وغيرها وهذه الادوية قد تزيد من معدل نمو الشعر بغض النظر عن الجرعة اللازمة او فترة العلاج المستخدمة.
إن مركبات هرمون الذكورة مثل الاندروجين، الدانازول والتستوسترون والتي تستعمل في علاج بعض امراض النساء او تستعمل في بناء ونمو الجسم او تستعمل في علاج النحافة الشديدة كل هذه المركبات قد تثير الشعرانية مع ملاحظة ان الاستجابة لها تعتمد على مستقبلات التستوستيرون في الجلد وحساسيتها للكمية المعطاة.
كما ان لمركبات هرمون الانوثة التي تستخدم احياناً في سن اليأس وحبوب منع الحمل تأثير واضح على زيادة نمو الشعر لدى بعض النساء، وتلعب مركبات الكورتيزون مثل السترويدات القشرية، ACTH وغيرها دوراً واضحاً في تنشيط بصيلات شعر الجسم اذا اعطيت لمدة طويلة.
وبالاضافة الى هذه الادوية التي تسبب غالباً الشعرانية فهناك ادوية اخرى دلت الدراسات على امكانية تسببها بالشعرانية فقد اتضح ان بعض المضادات الحيوية مثل البنسلين وبعض الادوية المستعملة في علاج ارتفاع ضغط الدم مثل المينوكسيديل وكذلك بعض ادوية مرض البهاق مثل السورالين وكذلك عقار الفنيتوين المستخدم لعلاج الصرع قد يؤدي تناولها الى نمو شعر الجسم بغزارة.
7- سبب غير معروف:
يحدث ان يحصل هناك زيادة في نمو الشعر لدى بعض النساء بدون ان يكون هناك سبب معروف لذلك فليس هناك عامل وراثي او عائلي ولا يوجد تاريخ استخدام ادوية مسببة للشعرانية كما ان نسبة الهرمونات طبيعية والفحوصات كلها سليمة وبالنظر الى فحص نسبة الهرمونات المذكرة في الدم فإن تركيزها يبقى عادة ضمن او قليلاً فوق المعدل الطبيعي ويعتقد ان الاستجابة الزائدة لمستقبلات هذه الهرمونات هي السبب في حدوث هذا النوع من الشعرانية.
التشخيص:
التشخيص عادة سهل وواضح ولكن الطبيب يحتاج لاستقصاء سبب الحدوث حيث يتطلب الامر اخذ تاريخ وقصة المرض بالتفصيل ومن ثم اجراء الفحص السريري والتركيز على توزع الاشعار في الجسم وملاحظة جميع الاعراض المرضية التي قد تصاحب الشعرانية وبناء على ذلك كله فقد يتمكن الطبيب من الوصول الى سبب الشعرانية فمثلاً عند وجود شعرانية يصاحبها اضطراب في الدورة الدموية ويرافقها بدانة واضحة فإنه يمكن التوجه نحو وجود مبيض متعدد الكيسات، وعند ملاحظة شعرانية مترافقة مع حب شباب اسفل الخدين والصدر والظهر وكذلك مع سقوط شعر في وسط وقمة الرأس فإن الاتجاه يصب في فرط افراز الهرمونات الاندروجينات، وايضاً عند ملاحظة وجود شعرانية تطورت بشكل مفاجئ وغزير فيمكن عندها التوجه نحو الاورام سواء في المبايض او الغدد الكظرية كسبب لهذه الشعرانية.
وبالاضافة الى القصة المرضية المفصلة والفحص السريري فإن الحالة قد تتطلب عمل التحاليل المخبرية المناسبة والتي عادة تشمل الآتي:
1- فحص مستوى هرمونات الذكورة في الدم ويشمل هرمون التستوسترون الحر وهرمون الديهيدروايبي اندروستيرون سلفات (D.H.E.A.S.).
2- قياس مستوى هرمون البرولاكتين في الدم وبفضل اجرائه بين الساعة 8- 10صباحاً ويفضل ان يكون المريض مرتاحا نفسياً لأن التوترات النفسية تزيد من مستواه.
3- قياس مستوى هرمونات LH ، FSH خاصة اذا كانت الدورة الشهرية غير منتظمة، ويفضل ان يتم اجراؤها في يوم محدد من الدورة يكون معروفاً للطبيب لأن المعدل الطبيعي لهذه الهرمونات يختلف حسب مراحل الدورة.
4- قياس مستوى هرمونات اخرى تشمل هرمون TSH في الدم، وهرمون 17- هيدروكسي بروجستيرون في البول.
5- أشعة صوتية للمبيضين وذلك لاستبعاد تكيس المبايض.
6- صورة شعاعية للغدة النخامية خصوصاً مع وجود ارتفاع في نسبة هرمون البرولاكتين.
نقلا عن مجله صحيه