كارثة طبية بمستشفى النيل بدراوى: مصرع مواطنين ونجاة اخرين بسبب خلل فى أنابيب الاوكسجين

من موقع مصراوى

شهدت مستشفى النيل بدراوى بالقاهرة كارثة طبية بعد ان لقى طالب ومحاسبة مصرعهما في حين تم إنقاذ أخرين من الموت المحقق.

تبين ان المجنى عليهما لقى مصرعهما بعد أن إجريت لهما عملية جراحية وبسبب وجود خلل فى أنابيب الاوكسجين الموجودة فى المستشفى والتى يتم وضع المرضى عليها لمساعدتهم فى التنفس.

نتج عن ذلك مصرع الطالب والمحاسبة بعد أن إصيبا بتشنجات عصبية.

كانت أجهزة الامن بالقاهرة قد تلقت بلاغا من إدارة مستشفى النيل بدراوى بمنطقة المعادى بإكتشافهم وجود بعض العيوب الفنية فى أنابيب الاوكسجين الموجودة فى المستشفى مما نتج عنها مصرع كلا من الطالب على حسين عبد المنعم خليفة 16سنة طالب ثانوى وليلى مختار يوسف 47 سنة محاسبة.

إنتقل على الفور فريق من المباحث وتبين من التحريات أن الطالب دخل الى المستشفى بتاريخ 20 أكتوبر الحالى لاجراء عملية جراحية بالترقوة إستمرت العملية لمدة ساعة وبعدها خرج الى غرفة العناية المركزة وتم وضعه على جهاز أنبوبة الاوكسجين لحين إفاقته من البنج ولكن فوجئ الاطباء بإصابة الطالب بحالة من التشنجات العصبية وزرقان فى الوجة وفشل فريق الاطباء فى إسعافه ولقى مصرعه.

شاهد: والد الضحية يروي تفاصيل ماحدث لابنه في المستشفى (خاص - القاهرة اليوم)

كما تبين من التحريات أن المجنى عليها الثانية دخلت لاجراء إزالة كيس دهنى وبعد إجراء العملية وخروجها تم وضعها على أنابيب الاوكسجين وحدث لها مثلما حدث للطالب ولقيت مصرعها.

وأنقذت العناية الالهية كلا من سعيد محمد عبد الواحد 52 سنة ومحمد أحمد غريب محاسبين الذين كانا قد دخلا لاجراء عملية جراحية فى الركبة ونجيا من الموت بعد أن خرجا وتم وضعهما على جهاز أنابيب الاوكسجين.

تم إخطار النيابة العامة وإنتقل فريق من النيابة وأمرت بالتحفظ على 35 أنبوبة أوكسجين للتأكد من نسب الاوكسجين والنيتروجين الموجود داخل الانابيب للتأكد من وجود عيب فنى أم لا.

كما أمرت النيابة بتشريح جثة الطالب والمجنى عليها لمعرفة أسباب الوفاة وصرحت بدفن الجثتين.

وتم أخذ عينات من دم المجنى عليهما لارسالها الى المعمل بوزارة الصحة المختصة والتأكد هل أن سبب الوفاة زيادة نسبة النيتروجين فى أنابيب الاكسجين.

كما إستمعت النيابة الى أقوال الدكتور علاء بكرى مدير مستشفى النيل بدراولا وأكد وجود مشكلة فى انابيب غاز الاوكسجين التى تشتريها المستشفى من شركة حلوان لصناعة الغاز.

شاهد: المحامي يسري السيد يروي شهادته عن الكارثة المروعة (خاص - القاهرة اليوم)

وتبين من التحقيقات إن العناية الالهية أنقذت حوالى 12 مريض أخرين من الموت المحقق بعد أن كان مقرر إجراء عمليات جراحية لهم وتم تأجيل العمليات.

وإستعمت النيابة الى أقوال الاطباء الموجودين بالمستشفى الذين أجروا عمليات للمجنى عليهما المتوفين والمصابين.

وأكدوا أن العمليات التى أجروها تمت بنجاح وأن المجنى عليهما إصيبا بأعراض التشنجات والاختناقات بعد خروجهما من العمليات.

وفي سياق متصل صرح الدكتور عبدالرحمن شاهين المستشار الاعلامى والمتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان بان الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة والسكان قرر تشكيل لجنة للتحقيق فى حالتى الوفاة.

وكلف الوزير الدكتور سعد المغربى رئيس الادارة المركزية بالمؤسسات غير الحكومية والتراخيص بالتعرف على ملابسات الحادث.

شاهد: المتحدث الرسمي لوزارة الصحة يعقب على الحادثة (خاص - القاهرة اليوم)

وقال شاهين ان اللجنة تضم الدكتور محمود المتينى استاذ الجراحة واحمد عبدالرازق استشارى التخدير والمهندس ايهاب جمال استشارى الهندسة الطبية ...مشيرا الى انه يتوقع ان تكون اسباب الوفاة لها علاقة بالغازات الطبية داخل غرفة العمليات.

واضاف ان الوزير طلب من اللجنة عمل تقرير مفصل عن الحادث وانه يتم عمل معاينة للاجهزة والمعدات الطبية وكل ماتم استخدامه لاجراء العمليات الجراحية على ان ينتهى من اعداد هذا التقرير فى اقرب وقت.

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
انا لله وانا اليه راجعون

غازات التنفس المستخدمة بغرف العمليات هي المتهم الذي أشارت إليه أصابع الاتهام في حادث وفاة مريضين أثناء إجراء جراحة بمستشفي النيل بدراوي ثم مريض ثالث في عين شمس التخصصي.. وبعيدا عن تحقيقات النيابة والجهات المختصة فإن ما جاء في البيان الذي أصدره مستشفي النيل بدراوي يستحق التوقف حيث أكد "أن المستشفي وغيره من المستشفيات يقوم باستخدام الأدوية وغازات التنفس بحالتها التي يتم توريدها بها.. ولايستطيع تحليل تلك الأدوية أو اسطوانات الغازات لمعرفة مدي مطابقتها للمواصفات القياسية".. مما يضع أكثر من علامة استفهام ويضع المرضي في نفس الوقت في حيرة وخوف!!
ففي غرف العمليات والطواريء والإفاقة توجد توصيلات يتم من خلالها ضخ غازات الأكسجين والنتروز وثاني اكسيد الكربون من خلال اسطوانات في غرفة مركزية ولكل غاز استخدامه.. فكيف تصنع هذه الغازات؟ ومن يراقب جودتها ويضمن مطابقتها للشروط ويتابع التعبئة؟.. يؤكد د.علاء حافظ بكري المدير الطبي لمستشفي النيل بدراوي أن جميع المستشفيات سواء في مصر أو في الخارج لاتوجد بها أجهزة لاختبار اسطوانات الغازات الطبية وللتأكد من صلاحيتها.
أضاف أن مستشفي النيل بدراوي يستخدم مايزيد علي 35 اسطوانة غاز طبي يومياً.. ووفاة المريضين وقع كما ذكرنا في التحقيقات لفساد أدوية أو غازات طبية بسبب عدم امكانية معرفة كمية الشوائب بهذه الغازات أو مدي مطابقة الاسطوانات للمواصفات القياسية!!
يؤكد أن الخطأ البشري في هذه الحالات غير وارد والمقصود به توصيل غاز طبي مكان آخر علي مواسير الشبكة المركزية لأن كل غاز له اسطوانة بلون معين وصمام مختلف عن باقي الغازات ويستحيل توصيله آليا علي مدخل غاز آخر..ونحن في انتظار نتائج التحقيقات لأنها سوف تحدد سبب وقوع الكارثة.. مؤكدا أن المستشفي يبحث عن آلية لاختبار هذه الغازات قبل استعمالها بالمستشفي.
توريدات يومية
يقول د.عفيفي عبدالرءوف مدير مستشفي بولاق الدكرور العام ان المستشفيات الحكومية تتعاقد مع الشركات الصناعية المنتجة للغازات الطبية بنظام المناقصات لتوريد الاحتياجات اليومية مثل الاوكسجين للاستنشاق والنيتروز للتخدير وثاني أوكسيد الكربون الذي يستخدم في نطاق ضيق.. ويتم ضخ الغازات من هذه الاسطوانات عبر شبكة مركزية للمواسير الي الغرف التي تستخدم الغازات مثل العمليات والافاقة وحضانات الاطفال المبتسرين والطواريء.
يقول إن مسئولية مطابقة الاسطوانات والغازات للمواصفات القياسية وسلامتها ونقائها تقع علي عاتق الشركات المنتجة ولا دخل للمستشفيات بها ولكن مسئوليتنا تنحصر في التأكد من سلامة شبكة المواسير حتي لايحدث بها اي تسرب للغازات يضر بميزانية المستشفي وليس له أي ضرر للمرضي لان جميع الاجهزة الطبية المتصلة بمخارج الغازات الطبية بها صفارات إنذار تطلق اصواتها عند حدوث اي نقص في نسبة الغاز التي يحتاج اليها المريض.
يوضح د.مجدي أبادير ابراهيم مدير الطواريء بمستشفي بولاق الدكرور ود.بحر عبدالعزيز نائب المدير للجودة الطبية أن اي عطل في الشبكة المركزية للغاز سوف يؤثر علي جميع الأماكن التي تستخدمها كالعمليات وحضانات الاطفال والطواريء وغرف الافاقة ويسبب ضرراً جماعيا لمرضي هذه الأماكن وليس لمريضين فقط كما حدث في حادث النيل بدراوي.
يري ان الآلات الحديثة التي تستخدمها بعض المستشفيات الكبري والتي تقوم بانتاج فوري للغازات الطبية هي التي يمكن أن تنتج غازات غير مطابقة للمواصفات وبها شوائب رغم ان الماكينة الواحدة يصل ثمنها لنصف مليون جنيه.. لأن هذه الماكينات ليست بها فلاتر كافية لتنقية الغازات.
يقول د.اشرف حسنين مدير مستشفي الأمل بالدقي ان اي مستشفي لايدخل في مسئوليته فحص الاسطوانات لان هناك ثقة كاملة في الجهة المنتجة لها والتي تقع عليها مسئولية تعبئة وصيانة ومراعاة المواصفات القياسية في اسطوانات الغاز.
يضيف أن الثقة في سلامة الاسطوانات تأتي من خضوع المصانع والشركات الصناعية لرقابة وزارتي الصحة والصناعة وغيرهما من الهيئات الرقابية.. كما تقوم هذه الهيئات الرقابية بمتابعة جودة الشبكات المركزية للغازات الطبية داخل المستشفيات.. وحتي الاسطوانات التي تستخدم مفردة داخل بعض المستشفيات تخضع للرقابة اما الجهاز الفني لصيانة الشبكة بالمستشفي فهو يتولي متابعة توصيل الاسطوانات للمواسير المحددة الألوان والمطابقة لكل نوع من أنواع الغازات بمنتهي الدقة وكذلك صيانة المواسير.
خطأ غير وارد
يقول د.محمود سامي داود استشاري تخدير ان احتمال حدوث خلط بين الغازات أو خطأ في استخدام نوع مكان نوع آخر لايمكن حدوثه لأن غرف العمليات والإفاقة في جميع المستشفيات مزودة بأجهزة بها عدادات رقمية تسمح بمرور النسب التي يحتاجها كل مريض وتظهر علي شاشات "المونيوتور" طبقا للوظائف الحيوية لأجهزة جسم المريض.. وهذه الأجهزة بها صفارات انذار أو تنبيه تطلق في حالة حدوث اي خلل أو نقص في غازات الاستنشاق او حدوث اي اصابة طارئة للمريض حتي يتم التدخل الفوري من الفريق الطبي داخل الغرفة.
يضيف أن الغاز الأكثر استخداماً هو الأوكسجين لأنه اساس تنفس المريض اثناء ارتخاء عضلاته وهو تحت تأثير البنج أو في حالة اصابته بمرض يعوق عملية التنفس مثل الغيبوبة وغيرها.. اما غاز النيتروز فهو اغلي هذه الغازات حيث يستخدم فقط للتخدير.
يشاركه الرأي د.أحمد بهاء الدين الدويني استاذ جراحة النساء والتوليد مؤكدا أن أساسيات العمل داخل غرفة العمليات ان تكون حالة المريض مثل الكتاب المفتوح أمام الاطباء وان تكون مسجلة علي شاشات المونيوتور ليتبين جميع الوظائف الحيوية اثناء العملية ونسب الغازات داخل جسمه خاصة الأوكسجين الذي يتنفسه اثناء التخدير ومدي تشبع دم المريض به.. وكذلك دقات القلب والنبض.
يضيف أن جودة الأجهزة المستخدمة في ذلك تظهر عند حدوث اي عارض مفاجيء للمريض بأن تطلق أجراس التنبيه مثل اصابة المريض بصدمة حساسية نتيجة أدوية أو غاز التخدير حتي يمكن اسعافه قبل أن تتسبب هذه الحساسية في وفاته لانها تؤدي الي تكسير كرات الدم الحمراء إذا لم يتم حقن المريض فوراً بأدوية مضادة للحساسية.
يوضح أن غازي الأوكسجين والنيتروز من الغازات الاساسية في علاج المرضي واسعافهم.. رغم وجود بدائل لغاز النيتروز عبارة عن أدوية تخدير مثل مشتقات البروفين وغيرها إلا أنه مازال افضل وسائل التخدير لأنه مسكن سريع وقوي للألم وفي نفس الوقت يتم افاقة المريض منه بسرعة.
يؤكد د.علاء شمس استشاري الأمراض الباطنة أن حدوث اي خلط أو خطأ في توصيل اسطوانة أو ماسورة غاز معين الي اجهزة التخدير أو الاستنشاق مستحيل الحدوث.. لان كل غاز له لون محدد في الاسطوانة أو الماسورة وكذلك له صمام معين لايصلح للتركيب علي أجهزة غاز آخر.. فمثلا انبوبة الأوكسجين تتميز باللون الاسود والنيتروز باللون الازرق وثاني أوكسيد الكربون لونها رمادي.
رقابة ومتابعة
يوضح المهندس أحمد عطية مدير مصنع مسطرد للغازات الصناعية والطبية ان خزانات الغازات الصناعية أو الطبية لكل نوع منها مخرج مختلف عن باقي الغازات بمعني أنه لايضخ إلا لأسطوانة الغاز الخاصة به لمنع حدوث اي اخطاء عند تعبئة الاسطوانات.. كما أن كل اسطوانة محفور علي جسمها المعدني اسم الجهة المالكة لها ونوعية الغاز بالاضافة لعلامة "الهلال الطبي" للغازات الطبية.
يؤكد أن هناك اختبارات متعددة تجري علي كل اسطوانة غاز قبل وبعد التعبئة.. الاختبار الاول يتمثل في الكشف علي جسم الاسطوانة وسلامته وكذلك الصمام ومطابقته لنوع الغاز ومراجعة التاريخ المحفور عليها والخاص بعملية غسيلها وتجفيفها داخلياً وقياس تحملها لضغط الغاز والذي يجري كل 5 سنوات لكل اسطوانة.
هناك أيضا اختبارات بعد التعبئة للتأكد من نقاء الغاز داخلها حيث تسحب عينة عشوائية من الاسطوانات بعد التعبئة ويجري علي كل منها 7 اختبارات لمكونات الغازات للتأكد من عدم وجود أي شوائب بها وبعدها يتم نقل الاسطوانات الي الجهات المستخدمة لها.
يقول ان الرقابة علي الشركات دورية من لجان وزارتي الصناعة والصحة لمراجعة اختبارات جودة الاسطوانات ومراحل التعبئة والتنظيف واختبارات نقاء الغازات وغيرها.. وتقوم هذه اللجان بارشاد المصانع والشركات في حالة وجود اي اقتراحات لتطوير العمل.. وكما يتم تحرير محاضر في حالة حدوث مخالفات واغلاق الجهات المخالفة طبقاً للقانون.
يقول د.احمد الزين مدير عام إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة ان لجانا من الوزارة تقوم بالتفتيش الدوري علي المستشفيات العامة والخاصة والتي يبلغ عددها 1569 مستشفي.. ويتم انتداب كوادر فنية متخصصة من عدة جهات مثل وزارة الصناعة وأقسام الهندسة الطبية بكليات الهندسة والعلوم لفحص الاجهزة الطبية ومتابعة الجودة ومكافحة العدوي.. لكن فحص اسطوانات الغاز والتأكد من مطابقتها للمواصفات يقع علي عاتق الشركة الموردة.. والأجهزة الرقابية المتمثلة في وزارة الصناعة التي لديها المراكز المتخصصة والقادرة علي متابعة المصانع والشركات المصنعة للغازات الطبية مثل هيئة التوحيد القياسي ومركز المعايرة وغيرها والتي يمكن أن تحلل نسب الغازات ونقائها وسلامة الاسطوانات.. اما أطباء وزارة الصحة فلا يستطيعون القيام بذلك.
مزدوجة